بعد ساعات قليلة من إلقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما خطابه للعالم الإسلامي من قلب القاهرة اختلفت الرؤية بين السياسيين المصريين حول أهمية الخطاب وما جاء به وعما إذا كان يمثل نقطة تغير أساسية في التوجه الأمريكي تجاه العالم الإسلامي.
سعد الحسيني عضو مكتب إرشاد الإخوان وعضو مجلس الشعب قال لـ"بص وطل": "الخطاب متوقع للغاية ولم يقدم جديدا على أي مستوى سوى أنه لأول مرة يتحدث رئيس أمريكي عن احتلال في فلسطين، وهو حديث جديد علينا وإن كان أشار بكثرة للأطفال والنساء الإسرائيليين الذين يُقتلون في عمليات المقاومة ولم يتطرق إلى عشرات ومئات الفلسطينيين الذين استشهدوا خلال الشهور الماضية بالسلاح الأمريكي وبأيدي اليهود وهو ما يؤكد الكيل بمكيالين من جانب الإدارة الأمريكية الجديدة أيضاً".
وأضاف الحسيني: "وبالرغم من كل تلك الملاحظات إلا أنني أعجبني كثيرا أسلوب الخطاب، وهو أمر مميز لأوباما منذ حملته، ولكن الأكثر تميزا هذه المرة استشهاده بآيات من القرآن بل وحديثه بمنطق يرفضه الكثير من العلمانيين في الدول العربية كحق المرأة في ارتداء الحجاب واختيار أسلوب حياتها الخاص وهو أمر يشكر عليه كثيرا".
أما حمدين صباحي عضو مجلس الشعب ورئيس حزب الكرامة -تحت التأسيس- فرغم أنه رفض حضور الخطاب بعد توجيه الدعوة له معترضا على تواجد السفير الإسرائيلي في جامعة القاهرة فعلق لـ"بص وطل" على خطاب أوباما قائلا: "هو محاولة من الساسة الأمريكان أن يقدموا نفس السياسية القبيحة للإدارة الأمريكية ولكنها في وجه جديد ومريح وصاحب لغة جميلة وهو أوباما، والذي أجزم أنه استطاع أن يشغل الرأي العام العربي والإسلامي بطريقة طرحه واستشهاده بآيات من القرآن الكريم".
وأضاف: أسوأ ما قاله أوباما أن العلاقة الأمريكية الصهيوينة لن تنكسر وأبكانا في خطابة على معاناة اليهود ومر مرور الكرام أو اللائم على معاناة المئات والملايين من أبناء الشعب الفلسطيني داخل غزة وخارجها, أما حديثه عن التعليم والمنح والمرأة والديمقراطية فهو كله كلام بلا جدوى ومحاولة لتقديم الولايات المتحدة شكل بعيد عن كونها أداة للقمع، وبالرغم من ذلك لم يقدم أي نقد واضح أو صريح لديكتاتورية الأنظمة العربية وامتلأ حديثه بالتعميم".
أما أبو العز الحريري القيادي بحزب التجمع اليساري فقال: "الخطاب كان موجها من الشعب الأمريكي إلى العالم وليس من أوباما إلى العالم الإسلامي، فقط في محاولة من ذلك الشعب لوقف حالة العداء التي تتنامى ضده في العالم كله وهو في رأيي إعادة صياغة بما هو في الضمير الأمريكي للإنسان".
وأضاف: "النقاط التسع للخطاب أشارت بشكل كبير إلى خطوات الإدارة الأمريكية الجديدة لمحاولة تبني دائرة خارج العنف، والخطاب إلى حد كبير متوازن ويشير بقوة إلى إن الإدارة الأمريكية والعالم الغربي سيبتعد عن فكرة الغزو العسكري وسيتجه إلى الفتح السياسي والاقتصادي".
ومن جانبه رحب الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية وعضو لجنة السياسيات بالحزب الوطني بالخطاب وقال: "إن الخطاب به اعتراف قوي وعميق من الرئيس الأمريكي بأن العالم الإسلامي له إسهامات كبيرة في الحضارة الإنسانية وهو ما يعدّ اعترافا بحقيقة كان يتم إنكارها كثيرا في السابق".
وأضاف عودة: "الخطاب لم توجد به مفاجآت ولم يتوقع أن توجد به مفاجآت ولم يكن من الممكن أن يعلن خلاله الرئيس الأمريكي جميع الخطوات والسياسات التي تشغل الرأي العام العربي والإسلامي فليس من الممكن أن يلمّ خطاب في 55 دقيقة بجميع المشكلات والحلول أيضا, ولكننا رأينا خلاله أجندة طويلة تشير لأهمية التعاون والتفاهم المشترك بين جميع البشر وكل الأديان من أجل السلام".
وشاركه في ذلك الدكتور عمار علي حسن مدير مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط قائلا: "الخطاب بتوليفته الفلسفية الدينية التاريخية الاقتصادية والسياسية ينمّ في البداية عن ثقافة ودراية الرئيس الأمريكي أوباما. والخطاب يعدّ وثيقة مهمة وهو يمثل اعترافا غربيا بأهمية وعمق الحضارة الإسلامية ودورها في التنمية الإنسانية وهو ما يتناقض إلى حد كبير مع الأفكار الأوروبية التي تشير إلى أن الحضارة مرت من اليونانية القديمة إلى أوروبا الحديثة وإلى جانب ذلك فإني رأيت في الخطاب اعترافا بأن هناك مسارات متعددة للتنمية والتحديث ومعنى جديدا من المساهمات الاقتصادية التي من الممكن أن يقدمها العالم العربي والإسلامي بالتعاون مع أمريكا وهو أيضا خلاف ما كنا نسمعه من قبل".
وعن حديثه عن الديمقراطية وصف الدكتور عمار علي حسن حديث أوباما بالجيد قائلا: "أوباما سمع لنداءات الباحثين والسياسيين في العالم الثالث وأكد أن كل تجربة ديمقراطية تختلف من دولة إلى دولة ومن مجموعة إلى أخرى".